حديث السبعة (3).. شاب نشأ في عبادة الله (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة:
- الحديث فيها عن فضل من يظله الله في ظله في اختصار تذكير بما سبق.
- كذلك ذكر فائدة وهي: أيهما أفضل؟ الشاب الذي نشأ في عبادة الله، أم الذي قارف الذنوب والشهوات والملذات ثم تاب توبة نصوحا؟
العلماء على قولين: أصحهما الأول؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ) رواه الروياني في مسنده، وقال الألباني: إسناده جيد، والصبوة: الميل إلى الهوى والشهوات، ومنه تعوذ يوسف -عليه السلام-: (وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)(يوسف:33).
لماذا كان الشاب المتعبد في ظل عرش الرحمن؟
الجواب على ذلك من وجهين عليهما تدور الخطبة تقريبا.
1- الوجه الأول (عظيم وأهمية مرحلة الشباب في عمر الإنسان):
- الشباب مرحلة القوة والبذل؛ قال -تعالى-: (اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)(الروم:54)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اغْتَنِمْ
خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ
سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ،
وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) رواه الحاكم، وصححه الألباني، فذكر منها: (شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ).
- مرحلة يسأل الإنسان عنها يوم القيامة مرتين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ
تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ
عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ بِهِ، وَعَنْ
مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ
فِيمَا أَبْلاَهُ) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
- الشباب حملة الدين والدعوة والجهاد، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ) رواه النسائي، وحسنه الألباني، لأن الشباب هم راية الجهاد.
- وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّوَادَ) رواه مسلم، وأجازه للشيخ في المعركة لإغاظة الأعداء؛ لأن الشباب هم غيظ العدو.
كان كثير من الأنبياء والمصلحين من الشباب:
- إبراهيم -عليه السلام- كان شابا يوم حطم الأصنام (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)(الأنبياء:60).
- إسماعيل -عليه السلام- كان شابا يوم رفع البيت (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ)(البقرة:127).
- يوسف -عليه السلام- كان شابا أكثر مراحل دعوته (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا)(يوسف:22).
- داود -عليه السلام- كان شابا يوم مكـَّن الله له وبعثه (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ)(البقرة:251).
- أصحاب الكهف كانوا شبابا (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)(الكهف:13).
-
الرعيل الأول من الصحابة كانوا شبابا، وقد تحملوا في سبيل الله كثيرا، كان
أكبرهم بعد أبي بكر عمر بن الخطاب 26 عاما، والبقية تحت العشرين، وأرسل
النبي -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير، وعلى بن أبي طالب، وأبا موسى
الأشعري -رضي الله عنهم- وكانوا شبابا.
2- الوجه الثاني (لأنه نشأ في ظل العبادة):
1- قلبه معلق بالمساجد، ويحافظ على الجماعة، ويتعلم العلم والدين، وغيره معلق بالمعاصي والملاهي: (الكرة - الموضة - الأغاني والموسيقى).
2- يحب أهل الصلاح ويفارق أهل السوء (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)(الكهف:28).
3- يتصدق ويتعبد لله بإخلاص (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(آل عمران:92)، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)(التوبة:103).
4- يتعفف عن الفواحش (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)(المؤمنون:3)، (الزنا وما تعلق به - وسائل الإعلام الماجنة).
5- يقوم الليل ويكثر القنوت لله (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)(الفرقان:64).
6- صاحب قرآن وتدبر وخشوع طلبا للهداية (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)(المائدة:16).
7- يتعلم سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهديه
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ
يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)(الأحزاب:21).
3- صور مشرقة وصفحات عطرة من حياة شباب نشأوا في عبادة الله:
-
علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أول من أسلم من الفتيان (فدائي ليلة
الهجرة - قاتل صناديد قريش وغيرهم - قامع بدعة الخوارج)، قال عنه النبي
-صلى الله عليه وسلم-: (يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) متفق عليه، وقال له: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى) متفق عليه.
- مصعب الخير (إسلامه وموقفه مع أمه - هجرته ودعوته - استشهاده يوم أحد وهو يردد: (وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ
مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ
عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ
الشَّاكِرِينَ)(آل عمران:144).
- الزبير وولده عبد الله (تربية أمه صفية الشديدة - يقاتل بسيفين - يصطحب ولده في المعارك - ابن الزبير وأدبه في الطريق مع عمر).
- أسامة بن زيد (قائد الجيوش قبل العشرين - شفيع الناس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم المرأة المخزومية).
- محمد الفاتح (قائد المسلمين في العشرين - فاتح القسطنطينية وله 22 سنة - فاتح الكثير من بلاد أوروبا).
كلمة ختام:
أخي المسلم: قد يقول قائل: "لقد جاوزت مرحلة الشباب، فلست معنيا بالحديث"!!
فنقول
لك: هذا الكلام غير صحيح، فأنت معني بالحديث وبالشباب بوجه من الوجوه؛
فأنت إما أب لشاب، أو أخ لشاب، أو صاحب لشاب، أو جار لشاب.
فاللهم أصلح شباب المسلمين، وانصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين.