1-من ورع أبي حنيفة
كان
بين أبي حنيفة - رحمه الله - وبين رجل من البصرة شركة في تجارة، فبعث إليه
أبو حنيفة سبعين ثوباً ثميناً وكتب إليه " إن في واحد منها عيباً وهو ثوب
كذا، فإذا بعته فبين العيب ".
فباعها الرجل بثلاثين ألف درهم، وجاء بها إلى أبي حنيفة.
فقال له أبو حنيفة: هل بينت العيب؟
فقال: نسيت. فتصدق أبو حنيفة بجميع ثمنها ولم يأخذ شيئاً.
2-طُبع كريماً
لما
مات حاتم الطائي تشبه به أخوه. فقالت له أمه: يا بني أتريد أن تحذو حذو
أخيك، فإنك لن تبلغ ما بلغه فلا تتعبن فيما لا تناله، فقال: وما يمنعني
وقد كان شقيقي وأخي من أمي وأبي؟ فقالت إني لما ولدته كنت كلما أرضعته أبى
ورفض أن يرضع حتى آتيه بمن يشاركه فيرضع الثدي الآخر وكنت إذا أرضعتك ودخل
صبي بكيت حتى يخرج.
3-أنت الراكب . وأنا الماشي
خرج
إبراهيم بن أدهم إلى الحج ماشياً فرآه رجل على ناقته فقال له: إلى أين يا
إبراهيم؟ قال: أريد الحج. قال: أين الراحلة فإن الطريق طويلة؟ فقال: لي
مراكب كثيرة لا تراها. قال: ما هي؟
قال: إذا نزلت بي مصيبة ركبت مركب الصبر.
وإذا نزلت بي نعمة ركبت مركب الشكر.
وإذا نزل بي القضاء ركبت مركب الرضا.
فقال له الرجل: سر على بركة الله، فأنت الراكب وأنا الماشي.
4-ضريبة العلم
لما
عجز المعتصم عن ثني الإمام أحمد - رحمه الله - عن رأيه في القرآن نصب له
آلة التعذيب، ومده الزبانية عليها وضربوه حتى انخلعت كتفه وانبثق الدم من
ظهره فقال له المعتصم: يا أحمد قل هذه الكلمة وأنا أفك عنك بيدي وأعطيك.
والإمام أحمد يقول: هاتوا آية أو حديثاً. فقال المعتصم للجلاد " شد قطع
الله يدك " فضربه ضربة فتناثر لحم الإمام أحمد. فقال له عالم من جماعة
الخليفة: ألم يقل الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم [ النساء - 29 ] فقال
له الإمام رحمه الله: " اخرج وانظر أي شيء وراء الباب " فخرج إلى صحن
القصر فإذا جمع لا يحصيهم إلا الله معهم الدفاتر والأقلام، قال: أي شيء
تعملون؟ قالوا: ننظر ما يجيب به الإمام أحمد فنكتبه. فرجع وأخبره. فقال
رحمه الله: " أنا أضل هؤلاء كلهم! أقتل نفسي ولا أضلهم ". رحم الله الإمام
أحمد.
[ اللآلئ الحسان ج4 لمحمد المسند]
5-الرضا بمُر القضاء
يحكى
أن رجلاً من الصالحين مر على رجل ضربه الفالج والدود يتناثر من جنبيه وهو
أعمى ومقعد وهو يقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه.
فتعجب الرجل ثم قال له: يا أخي ما الذي عافاك الله منه، لقد رأيت جميع
الأمراض وقد تزاحمت عليك، فقال له: إليك عني، فإنه عافاني إذ أطلق لي
لساناً يوحده، وقلباً يعرفه وفي كل وقت يذكره.
6-بجيلة البخيلة
كانت
قبيلة بجيلة مشهورة بالبخل بين قبائل العرب، فاتفق جماعة من أكابرهم على
أن يرفعوا هذا العار عنهم. فقالوا: هذه قافلة الحجاج مجتمعة من أطراف
البلد فهلموا نصنع إلى الحجاج إحساناً يشيع خبره في جميع البلدان، فاتفق
رأيهم أن يحمل كل واحد منهم قربة من لبن، وإذا نزل الحجاج إلى الماء أتوا
إليهم بذلك اللبن، فحضر الحجاج ونادوا: هلموا إلى شرب اللبن. فأخذ كل واحد
منهم يقول لصاحبه: اسقهم أنت أولاً. فامتنع الكل من التقدم بحل قربته. ثم
إن الحجاج عمدوا إلى قربة فحلوها فكانت ماء، وكذلك كانت كل القرب ماء.
فقال واحد منهم: إني قلت في نفسي إذا كانت القبيلة كل قربهم لبناً فقربتي
تضيع بين القرب فلا تضرني أن تكون ماء، فملأتها ماء. فقال الآخر مثل قوله.
حتى اتفق الكل على ذلك الخيال الفاسد فزاد عليهم العار وانتشر خبرهم في
جميع البلاد.
7-فضل الحفظ الأخير بقلم
كان
أبو حامد الغزالي راجعاً مرة من رحلته في طلب العلم ، فتعرض له اللصوص
فأخذوا ما كان معه وانصرفوا، فتبعهم فالتفت إليه رئيسهم وقال له ارجع ويحك
وإلا هلكت.
فقال له الغزالي: أسألك بالله أن ترد علي تعليقاتي فقط
فما هي بشيء تنتفعون به، فقال له اللص: وما هي تعليقاتك؟ فقال: كتب في تلك
المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها، فضحك وقال: كيف تدعي أنك
عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم. ثم أمر بعض
أصحابه فسلم إليه الكتب. فقال الغزالي: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني في
أمري، فلما وصلت طوس أقبلت على الاشتغال في حفظ العلم حتى حفظت جميع ما
علقته وكتبته.