100 مليون ريال عوائد اختبارات «القياس» لمن؟
راشد محمد الفوزان
في السنوات الأخيرة فقط بدأت وزارة التعليم العالي أو بمسمى أدق "المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي" بعمليات اختبار "قدرات" و "تحصيل" لخريجي الثانوية العامة لدينا سواء خريجي المدارس الأهلية أو العامة الحكومية, وحين حصرت عدد الناجحين بالمدارس الثانوية الخريجين فقط وصل عددهم إلى 331.849 ألف خريج بين بنين وبنات, البنين بعدد 181.024 ألف طالب, و 150.825 ألف طالبة, وهذا العدد يشكل رقما كبيرا مهما للجامعات أو التعليم العالي التي تقيم عمل اختبارات "قياس وقدرات", حيث قبل دخول الجامعة على الطالب أن يختبر 4 اختبارات قدرات وواحد تحصيلي, والبنات اختبارا قدرات، وواحد تحصيلي (لماذا التفرقة هنا بعدد الاختبارات؟ وهل هي قناعة من التعليم العالي بعدم كفاءة التعليم بمراحل الابتدائي والمتوسط والثانوي؟) وكل اختبار على كل طالب وطالبة أن يدفع 100 ريال, وطبعا كل طالب وطالبة سيكرر الاختبار لأنه بالخيار، وأيضا سيبحث عن أفضل درجة اختبار، فيكرر الاختبار على الأقل مرتين أو ثلاث أي كل واحد سيدفع 300 ريال بالمتوسط والبنات أيضا نفس الشيء, إذا هناك 300 ريال على الأقل سيدفعها الطالب والطالبة لكي يحصل على أفضل درجة ممكنة للقياس التي تؤهله للتعليم العالي, وحين يدفع كل طالب وطالبة 300 ريال كمتوسط على الأقل من عدد خريجين 331.184 ألف طالب وطالبة, أي إجمالي المبلغ سيكون 99.554.700 مليون ريال (تسعة وتسعين مليوناً وخمس مئة وأربعة وخمسين ألفاً وسبع مئة ريال)، السؤال هنا لمن يذهب هذا المبلغ الكبير سنويا, أكرر سنويا بمعنى خلال عشر سنوات سيصل المبلغ لمليار ريال؟! وهنا استغلال لحاجة الطلاب لأنهم يبحثون عن أفضل الدرجات لكي يكملوا تعليمهم العالي, وهذه "بدعة" من وزارة التعليم العالي لم تكن متبعة سابقا ولا نجد من يتبعها في كثير من دول العالم, فالمعروف أن تقوم كل "كلية" بإجراء اختبار "قبول" لطالبها أو طالبتها فهي أقدر وأعرف بحاجة الطلاب ومؤهلاتهم، والمنتسبين لها لا غيرها من الجهات.
هذه الجباية الكبيرة من وزارة التعليم العالي 100 مليون ريال سنويا على الأقل لاختبارات أقل ما يمكن القول عنها إنها إيجاد "عائق" ومصاعب من لا شيء حقيقة, ودفعت كثيراً من الطلاب للتعليم الأهلي رغم أنها لا تشكل إلا 30% من اختبار القبول الجامعي، ووضع الباقي "للقياس" وأصبح هو المحك الحقيقي, وهنا ندخل بأهمية التعليم لأكثر من 12 سنة من الابتدائي حتى الثانوي أنها أصبحت لا تشكل إلا 30% مما درس وتعلم, وسنؤمن بأهمية القدرات أو تعزيز القدرات, ولكن لماذا 100 ريال لكل اختبار، ولماذا تجبر الأسر بهذه المبالغ الكبيرة ولمن تتجه؟! ولماذا ابتدع هذا الاختبار الذي لا قياس علمي حقيقي له بوضع اختبار عام لكل الطلاب والطالبات خاصة أن القدرات والمهارات والكفاءة مختلفة بين طالب وطالب وطالبة، إن الخلل في التعليم من الابتدائي والمتوسط الذي يدرس الطالب 16 مادة حتى الثانوي ويصاب بانحناء في الظهر من حمل منهاج في النهاية لا يقبل منها إلا 30% في اختبار القدرات, ومواد دراسية لا ضرورة لها قد يصل لنصفها حقيقة فهي هدر مالي كبير, والآن يأتي اختبار "قياس" يحقق أرباحاً مالية هائلة تتجاوز 100 مليون ريال سنويا، لذا قد نرى شركة جديدة تضاف لسوق المال مستقبلا تبرر أخذ هذه الأموال ونقترح تسميتها "شركة قياس القدرات في التعليم العالي" وسنجد أنها تحقق أفضل عوائد مالية وأرباحاً تتجاوز معها كل الأزمات الاقتصادية والمالية.
المصدر جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2010/07/17/article544489.html