روى مسلم -كتاب فضائل الصحابة- من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في
قصة حاطب بن أبي بلتعة أن عمر -رضي الله عنه- قال: دعني أضرب عنق هذا
المنافق. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّهُ
قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى
أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) (متفق عليه).
- روى أحمد بسند صحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْراً وَالْحُدَيْبِيَةَ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني)، وفي الحديثين: دليل أن الله -تعالى- عصمهم من الشرك وغفر لهم ما دون ذلك.
- روى مسلم من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَ).
- روى البخاري من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأَنْصَارُ
لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ،
فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ
اللَّهُ) (متفق عليه).
- روى الطبراني بسند صحيح من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
- روى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ).
- روى الطبراني بسند صحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ, وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
آثار:
- روى البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: متى الساعة؟ قال: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله. قال: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ).
قال أنس: "فأنا أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر -رضي اللَّه
عنهما-، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم".
-
روى ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لاَ
تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَقَامُ
أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ" رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "فتاويه عن الصحابة":
"ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر، حتى إنهم
يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- أنهم خير القرون، وأن المُدَّ مِن أحدهم إذا تصدق به كان
أفضل من جبل أحد ذهبًا..." وقال: "... ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة
وما منَّ الله عليهم به من الفضائل، علم يقينـًا أنهم خير الخلق بعد
الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي
خير الأمم وأكرمها".
وقال الذهبي -رحمه الله- في كتاب الكبائر:
"وإنما يعرف فضائل الصحابة -رضي الله عنهم- من تدبر أحوالهم وسيرهم
وآثارهم في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعد موته من المسابقة
إلى الإيمان والمجاهدة للكفار ونشر الدين، وإظهار شعائر الإسلام وإعلاء
كلمة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتعليم فرائضه وسننه، ولولاهم ما
وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع، ولا علمنا من الفرائض والسنن سنة ولا
فرضًا، ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئًا.
فمن
طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين؛ لأن الطعن لا
يكون إلا عن اعتقاد مساويهم، وإضمار الحقد فيهم، وإنكار ما ذكره الله
-تعالى- في كتابه من ثنائه عليهم وما لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من
ثنائه عليهم وفضائلهم ومناقبهم وحبهم؛ ولأنهم أرضى الوسائل من المأثور
والوسائط من المنقول، والطعن في الوسائط طعن في الأصل، والازدراء بالناقل
ازدراء بالمنقول؛ هذا ظاهر لمن تدبره وسلم من النفاق ومن الزندقة والإلحاد
في عقيدته".
قال ابن عثيمين -رحمه الله-:
"وفي الحقيقة إنَّ سبَّ الصحابة ليس جرحًا في الصحابة -رضي الله عنهم-
فقط، بل هو قَدْح في الصحابة، وفي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي شريعة
الله، وفي ذات الله -عز وجل-. أما كونه قدحًا في الصحابة فواضح. وأما كونه
قدحًا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فحيث كان أصحابه وأُمَناؤه
وخلفاؤه على أمته، بل "ورفيقي قبره" من شرار الخلق -على حد زعم الشيعة-،
وفيه قدح في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من وجه آخر؛ وهو تكذيبه فيما
أخبر به من فضائلهم ومناقبهم، كما فيه اتهام للنبي -صلى الله عليه وسلم-
أنه لا يعرف كيف يربي أصحابه.
وأما
كونه قدحًا في شريعة الله، فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- في نقل الشريعة هم الصحابة، فإذا سقطت عدالتهم لم يبقَ ثقة
فيما نقلوه من الشريعة، وأما كونه قدحا في الله -سبحانه وتعالى-، فحيث بعث
الله نبيه في شرار الخلق، واختارهم لصحبته وحمل شريعته ونقلها لأمته، وكذا
أنه -سبحانه وتعالى- مدحهم وأثنى عليهم في كتابه؛ فكيف يكون ذلك وهو يعلم
أنهم يرتدون وينحرفون كما زعم الشيعة الضُلاّل؟! فانظر ماذا يترتب من
الطوام الكبرى على سب الصحابة!!".
والحمدُ لله ربَّ العالمين، وَصَلّى اللهم عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا.