ما هي أهم علامات الفقيه في الدين؟
إن من أهم علامات الفقيه في الدين وسماته التي ينبغي أن يتحلى بها:
1- الصلاح والاستقامة: الصلاح والاستقامة على السنة، لأن الصلاح والاستقامة والتمسك بالسنن هي أبرز علامات الفقه في الدين، فلذلك ينبغي لكل طالب علم، أن يتحرى عمن يأخذ العلم، فمن عرف بالصلاح والاستقامة مع العلم والجدارة، يؤخذ منه العلم.
ولا يلزم أن يكون طلب العلم عن أكابر العلماء، فهذا أمر قد لا يتيسر لجميع الناس، ولا يتيسر في كل بلد وفي كل مكان، لكن في كل بلد بحسبه، إذ لا يمكن أن تخلو بلد من مجموعة من طلاب العلم بحسبهم، فينبغي التلقي عنهم وإن لم يكونوا علماء كباراً، فيؤخذ عنهم ما يجيدونه وما يعرفونه إذا توفر فيهم شرط سلامة الاعتقاد والعمل بالسنة والاستقامة والصلاح.
وإذن فالفساق وأهل الفجور لا يؤخذ عنهم العلم الشرعي، كذلك أهل البدع المفارقون للسنة لا يؤخذ عنهم العلم الشرعي، فمن ظهر منه الفسق والفجور وجاهر به، فليس بقدوة، ومن ظهرت منه البدع فليس بقدوة، وإن كان عنده شيء من العلم، فإن العلم من أصحاب الهوى لا بركة فيه. ولا يسلم علمه من نزعة هواه غالباً، وربما لبس ما عنده من علم على غيره.
2- تلقي الدين عن أهله وعدم الاستقلالية في طلب العلم: أي أخذ العلم عن أهل العلم الجديرين، القدوة "العدول" وعدم الاستقلالية في طلب العلم، فالاستقلالية عن العلماء والمشايخ من علامات الهلكة، والغرور، والشذوذ، والافتراق.
نعم إن الاستقلالية في تلقي الفقه في الدين عن المشايخ والعلماء خطيرة، لأنها وإن لم يشعر بها الشخص في أول الأمر فإنها على المدى البعيد لا بد أن تنتج الفصام النكد، وهو الخروج عن الجماعة، المتمثل بالانفصال عن العلماء، والمشايخ، في الهدي والرأي والمواقف والنظرة تجاه الأمور والحكم عليها.
3- ومن علامات الفقيه في الدين: تحصيل العلم الشرعي على نهج سليم، فليس كل قارئ فقيه، ولا كل مثقف فقيه، إذا لم يكن أخذ العلم والدين على مناهجه، وأصوله السليمة المتمثلة بنهج السلف وطريقتهم في ذلك، وذكرت شيئاً من ذلك فيما سبق.
4- التواضع والأدب وعدم التعالي والغرور عند طلب العلم: فإذا وجد عند من ينتسب للعلم، شيء من الغرور والتعالي على العلماء، والتعالي على الجماعة والأمة، وعدم التواضع، فليس بفقيه ولا يحسن أخذ العلوم عنه حتى وإن كان مظهره على الاستقامة.
فإن وجد عنده شيء من اللمز للعلماء، والمشايخ، والاستهانة بهم، أو شيء من التعالي والغرور على الآخرين، أو النزعة إلى الاستقلالية عن أئمة الدين، فمثل هذا لا ينبغي أخذ العلم والفقه عنه، حتى وإن كان لديه من العلم الكثير، لأن الغرور العلمي ينافي الفقه في الدين وينمي الأهواء.
5- من سمات الفقيه في الدين الاعتدال: في كل شيء، في أخذ الدين وطلبه والعلم به وفي الحكم بالأحكام، وفي الحكم على الناس، وفي الموقف من الأحداث ومن الأمور كلها، فلا تشديد ولا تساهل، فإنه كما جاء في الحديث الصحيح: "لن يشادّ الدين أحد إلا غلبه".
والتساهل في الدين زندقة، فينبغي للمسلم أن يعتدل، وطالب العلم الذي يتفقه ينبغي أن يكون أنموذج العامة في الاعتدال، والاعتدال هو المنهج الوسط، ومن ذلك: الاعتدال في القول والحكم على الآخرين، وهذا مما أخل به كثير من الناس، حتى ممن ينتسبون إلى العلم - هداهم الله - فإن كثيراً منهم لا يعدلون في القول، وأقصد بذلك أن هناك، من إذا تكلم في الناس، أفراداً أو جماعات تكلم بهواه، وإذا تكلم فيمن يعجبه ذكر حسناته وفضائله، وترك سيئاته، وإذا تكلم فيمن لا يعجبه، لا يرقب فيه إلاّ ولا ذمة، تكلم بسيئاته وبأخطائه ولم يذكر شيئاً من حسناته وفضائله، وهذا مسلك كثر في كلام المسلمين - في هذا الزمان - في بعضهم، سواء كان هذا الكلام في الأشخاص أو في الهيآت أو المؤسسات، أو في ولاة الأمور، أو في المشايخ أو في الجماعات أو في الدعاة، أو في طلاب العلم أو في أفراد الناس، فنجد كثيراً من الناس إذا تكلم في الغير، تكلم بما يحلو له وما يعجبه، وترك ما لا يعجبه، وعلى هذا يصدر الحكم الخاطئ الجائر، بناء على هذا التقويم الخاطئ الجائر.
فالمسلم يجب أن يعدل إذا قال وإذا تكلم في الناس وأن يحسن الظن وأن يبدأ بالثناء وينشر حسنات الأشخاص وما فيهم من خصال الخير والاستقامة والنفع قبل أن يذكر سيئاتهم وأخطاءهم. إلا إذا كانوا من رؤوس البدع والضلالة فإنهم يحذر منهم