النشاط الثقافي :
إضافة إلى أهمية عسقلان التجارية العسكرية وانتعاشها الاقتصادي ، فقد ظهر
بين أهلها طوال فترة الحكم الإسلامي علماء اشتهروا بالحديث والفقه والأدب
، وتعود شهرة عسقلان العلمية إلى أبعد من العهد الإسلامي تاريخياً ، فقد
ظهر فيها " أكاديمية عسقلان التي أسسها الفيلسوف انطوخيوس العسقلاني في
مسقط رأسه ، بهدف نشر الأفضل من آراء الفلاسفة الافلاطونيون والرواقيين،
ولتكون مركزاً للإبداع الفني والأدبي في ضوء الفكر الهيليني الذي دخل قبل
فتوحات الإسكندر بقليل ، وساعدت السياسة السلوقية على ازدهاره . وكان
شيشرون الخطيب الروماني المعروف من أشهر تلامذة أنطوخيوس . ومع دخول
عسقلان في الإسلام ، ومنذ أواخر القرن الأول الهجري ، نمت الحركة العلمية
فيها واتجهت إلى علم الحديث ، وظهر فيها مدرسة من حفاظ الحديث اشتهر منهم
:
أبو بكر إبان بن صالح بن عمير القرشي ، الذي ولد سنة 60 هـ – 680 م وتوفي
في عهد هشام بن عبد الملك . وعمر بن محمد بن يزيد بن عبد الله بن عمر
المتوفي سنة 150 هـ – 768م وداود بن الجراح في أواسط القرن الثالث الهجري
. ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني سنة 329 هـ – 922 م ، من رواة الحديث
والحفاظ في فلسطين وعاصر الفترة الطولونية ، وكان من أواخر الرجال الذين
أعطتهم عسقلان . وأبناء أبي السري العسقلاني : الحسين ومحمد ولدا المتوكل
بن عبد الرحمن بن حسان الهاشمي بالولاء في أواخر القرن الثاني واواسط
القرن الثالث الهجري .
وأما في العهد الفاطمي ، ومع نهاية القرن الثالث الهجري ، فقد خبت مدرسة
الحديث هذه ، لتعطي دوراً لبروز مجموعة من الأدباء والشعراء ، أشهرهم
الأديب الشاعر أحمد بن مطرق العسقلاني ، صاحب المصنفات في اللغة والأدب، و
المفضل بن حسن بن خضر العسقلاني ( في عهد الوزير بدر الدين الجمالي ) .
والأديب أبو علي حسن بن عبد الصمد بن أبي الشخباء العسقلاني الذي قتل سنة
486 هـ . وكان من كبار موظفي الرسائل ولقب بالمجيد ذي الفضيلتين .
أما في قبل عام 1948 فقد ضمت المجدل ثلاث مدارس وهي :
مدرسة المجدل الثانوية : جنوب شرق المدينة ، وهي مدرسة ابتدائية ثانوية
كان بها حتى السنة الثانية الثانوية ، والمرحلة الثانوية فيها تضم أبناء
المجدل و أبناء القرى المجاورة ، ممن أنهوا تعليمهم الابتدائي في قراهم ،
وكانوا الأوائل في تحصيلهم . وتفتخر المدرسة بأنها خرجت خيرة الشباب
المتعلم في منطقة المجدل ، والذين برز الكثير منهم في مختلف فروع العلم
والمعرفة . وتفتخر المجدل بأنها كانت من أوائل المدن الفلسطينية التي نشأت
بها مدرسة للبنات تعلم فيها بنات المدينة .
مدرسة الجورة الابتدائية : في البداية كانت ملحقة بمسجد عبد االملك بن
مروان وسط القرية ، وكانت عبارة عن غرفتين وبها معلم واحد للمرحلة
الابتدائية ، إلا أنه منذ 1929 م أنشئت مدرسة جديدة بظاهر القرية قرب مشهد
الحسين وهي مدرسة ابتدائية كاملة ( بها الصف السابع الابتدائي ولا تزال
بقاياها حتى اليوم .
الحياة الاجتماعية :
تتداخل الحياة الاجتماعية لمدينة المجدل تداخلاً مباشراً مع القرى المحيطة
بها ، وندر أن تجد قرية لا يرتبط أهلها وأهل المجدل بعلاقة المصاهرة أو
امتداد الأسر الموجودة في المدينة . وتكاد تشكل المجدل والقرى المحيطة بها
وحدة اجتماعية واحدة ، يشارك أهلها بعضهم البعض الآخر السراء والضراء ،
وتبدو هذه الوحدة الاجتماعية أكثر ما تبدو في الضراء . عندما تصاب أسرة من
الأسر بمكروه أو بعزاء ، إذ يكون عزاؤها عزاء المجدل وقراها جميعا . وقد
تظهر الفوارق المالية في مجتمع مدينة المجدل إذ ظهر في المدينة أكثر من
ثري على مستوى فلسطين كلها إلا أن الفوارق الاجتماعية تختفي في العلاقات
العامة تماماً ، ويعامل الناس بعضهم البعض الآخر على مستوى واحد ،ولا وجود
لنعرات أسرية أو طائفية في المنطقة ، ويتمتع المجتمع باحترام الوجهاء له ،
كما يتمتع هؤلاء بطاعة المجتمع لهم . مما يدل على الثقة المتبادلة والحرص
على المصلحة العامة . وظهر إثر ذلك التكاتف واضحاً أمام الغزوة الصهيونية
، عندما لم تسجل حادثة بيع ارض واحدة ، لأي مؤسسة صهيونية من سكان المجدل
وقراها ، كما ظهر واضحاً في أسلوب النجدات ضد الهجمات الصهيونية على أي
قرية أو موقع ، الذي نفذه سكان المجدل وقراها في حرب 47/48 . ورغم التشتت
الذي حدث في عام 1948 م إلا أن هذه العلاقات لا زالت قائمة حتى اليوم .
ويكاد سكان المجدل وقراها يتوحدون في الملبس والمأكل والسلوك والمناسبات
الاجتماعية ، فالمرأة سافرة الوجه ، ترتدي ثوباً طويلاً أسود به خطوط
طويلة ملونة حتى أخمص قدميها من صناعة المجدل غالباً ، وقد يكون من خيوط
الحرير أو القطن ،ولأثواب النساء مسميات حسب الخطوط الطولية الملونة في
الثوب. فإذا كان الخط الطولي أحمر سمي الثوب " جلجي" وإذا كان خطان
متوازيان أحمر وأخضر سمي " جنة ونار " ، أما الزي الرسمي للمرأة في
المناسبات وبخاصة الشابات فهو الثوب الشمالي " وهو قطعة من القماش الحرير
الأسود مطرز بخيوط من الحرير وبأخذ التطريز أشكالا متعددة : الكف والخنجر،
.. الخ " وترتدي على رأسها منديلاً مخططاً يغطي كتفيها أو شاشة بيضاء او
منديلاً مطرزاً بالخرز في المناسبات وتربط وسطها بحزام من القماش الحريري
أو القطني .
أما الرجل ، فيرتدي القمباز ( الدماية ) والساق ( الجاكيت الطويل ) أو
الجاكيت القصير ، وهو من الصوف في الشتاء ومن الحرير أو القطن في الصيف،
ويضع على رأسه( الكوفية ) الحطة البيضاء والعقال الأسود .
وفي الأوقات العادية يرتدي الرجال القميص والشروال ، وهو امتداد للشروال
التركي من الصوف أو القطن أو الحرير ، ويضع بعض الرجال وبخاصة المتقدميٍن
في السن عمامة من الأغباني الحرير ، تلف حول طربوش ، أو لفة عادية من
الحرير أو القطن حول طاقية بيضاء تغطي الرأس .
--------------------------------------------------------------------------------
معالم المدينة
ولقد تعرضت المجدل عسقلان إلى أعمال التخريب وذلك نتيجة الحروب والمعارك
المستمرة التي كانت تدور على أراضيها ومن أبرز حوادث التدمير ما قام به
القائد صلاح الدين الأيوبي من تدمير للمدينة لدواعي عسكرية واستراتيجية
وفقا للمصالح العليا للمسلمين التي رآها ضرورية ورأيي في تخريب عسقلان
قضاء من الله لا راد له بقوله " والله لئن افقد أولادي كلهم احب إلى من أن
اهدم حجرا واحدا ولكن اذا قضى الله بذلك و عينه لحفظ مصلحة المسلمين
طريقاً فكيف أصنع ؟؟ " ثم دمرت في عهد السلطان الظاهر بيبرس ليبزغ نجم
مدينة المجدل بعد ذلك . أما معالمها الباقية فلا يوجد سوى مسجد عبد الملك
بن مروان وهو بدون مئذنة وبناء عسقلان القديم
تعتبر عسقلان من المواقع الأثرية التي تتمتع بطبقات أثرية متتالية تدل على
عهودها المختلفة. وهو أمر يؤكد أن موقع المدينة لم يتغير على مدى العصور
المتعاقبة ، سكنته أمم بعد أخرى. ويعود ذلك إلى ما تتمتع به من موقع بحري
استراتيجي ،ومن مناخ معتدل، ومن منطقة محيطة بها يسهل على الإنسان
استغلالها للزراعة لتوفير قوته الضروري .
أما أهم المكتشفات الأثرية حسب العصور التاريخية والتي ذكرتها مصادر الحفريات حتى اليوم فهي :
1- العصر الحجري الحديث :
أدوات مصنوعة من العظم ، أواني حجرية ، وتأت صدفية ، ودلائل مباشرة على استئناس الإنسان لحيوانات مثل : الثور والماعز والضأن .
2- العصر البرونزي الحديدي :
تم إعادة بناء البلدة ، وتم اكتشاف أواني من الالابستر يعود تاريخها إلى
الأسرة التاسعة عشر الفرعونية ، وبقايا تمثال من البازلت بكتابات
هيروغليفية ، مما يدل على وجود العلاقات مع مصر . كما تم اكتشاف نقش في
1936-1937 م يدل على وجود علاقة بين البلدة وجزيرة قبرص في هذا العصر .
3- العصر الروماني والهيليني :
كثرت المكتشفات الأثرية التي تعود إلى هذا العصر وأهمها :
- مجلس المدينة ( بوليترون ) على شكل صالة مسرحية شبه دائرية طولها 128
متراً مع صفوف من المقاعد ، وأجنحة النصر تزين جوانبها وساحة مجاورة
للمجلس يزينها 24 عموداً رخامياً برؤوس كورنثية .
- قبر يتم النزول إليه بثلاث درجات ، عبارة عن غرفة مع عقد دائري مزين
بعرائش الكرمة ، على هيئة ميدالية كبيرة ، ويظهر خلال الزينة تمثال نصفي
لامرأة ، وكلب يطارد غزالاً . وعرفت في هذا العصر توابيت الرصاص ، واكتشفت
بعض المسكوكات التي تعود إليه .
- تم اكتشاف سور شبه دائري يشبه سـور مدينة قيساريــة ، كما اكتشفت كنيسـة
قبـطية ( لشهداء المصريين ) يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي ، وقد
قام باكتشافها م. جراين عام 1854 مع حائطين إلى الجنوب الشرقي منها ،
وسراديب تنتهي إلى البحر، كما أن هناك العديد من المقامات في المدينة.
وأهم هذه المقامات :
1. مشهد الحسين عليه السلام :
وهو مقام على تل مرتفع جنوب شرق قرية الجورة وجنوب غرب مدينة المجدل ،
يشرف على البحر ، وتحيط به منطقة تكثر بها أشجار الجميز والعنب والتوت .
وعلى مقربة من الغرب منه تقع جبانة وادي النمل ، وبعدها مباشرة تبدأ أسوار
مدينة عسقلان التاريخية .
2. الشيخ عوض :
وهو مقام به مسجد على تل مرتفعة عن سطح البحر ، ويقع مباشرة على البحر
تحيط به كروم العنب ، ويبعد حوالي 2 كيلو متر شمال قرية الجورة ، ولا يزال
المقام قائماً ، لكنه معرض للخراب بسبب عدم العناية به ، وكان المقام مكان
تجمع للزائرين والمصلين الذين ينشدون الراحة والاستجمام في أيام الصيف .
وكان المقام يجدد باستمرار وتتم العناية به وبنظافته ، وللشيخ عوض مكانة
سامية في نفوس الناس مرتبطة بالصلاح والتقوى ، ولا يستبعد أن يكون أحد
الشهداء المرابطين الصالحين ، إلا أن تاريخ حياته ليس معروفاً .
3. إضافة إلى هذين المقامين الرئيسين ، هناك مزارات ثانوية لأناس يعرفهم الناس بصلاحهم وعملهم أهمها :
4. الشيخ برهام في وسط قرية الجورة ، والشيخ محمد في وسط جبانة وادي النمل
، والشيخة خضرة في وسط خرائب عسقلان ، والشيخ نور الظلام وسط المجدل ،
والشيخ سعيد والشيخ محمد الأنصاري ، والشيخ محمد العجمي . .